لقد كانت البداية الأولى والمبكرة في العراق انه كان عند مشارق تخوم الجزء الجنوبي منه وحوالي القرن الخامس والعشرين كانت صحراء الجزيرة العربية قد قذفت من أحشائها أفواجا من البشر على دفعات متتابعة تعبر البادية موجة إثر موجة في اتجاه منطقة الهلال الخصيب..
وحوالي عام 1800 ق-م كانت مجموعات من الرعاة الرحل والمنتسبة تاريخيا لبعض هذه الأفواج التي هاجرت من الصحراء إلى منطقة الهلال الخصيب قد استطاعت أن تستقر وان تنتشر في العراق لتؤلف دولة يذكرها التاريخ
باسم دولة "الكلدانيين" قامت تاريخيا على أساس من علاقات الصراع والقهر اليومي الذي كانت فيه الكثرة من جمهور ذلك الشعب الذي تسمى باسم " كلدان " مضيعة بين أساليب التناقض التي يعمل لها مجموعات من الرجال المتسلطين والمستغلين، وأولئك الذين انتزعوا لأنفسهم كهانة دينية وسيادة سياسية، فخلقوا بها مظاهر التفاوت الطبقي وعلاقات الاستغلال.
وسط هذه الجو الاجتماعي المضيع فيه جمهور الكلداني والمضلل، وهناك من وسط الطبقات الدنيا من قلب هذا الشعب الوثني المتخلف، نشأ النبي إبراهيم عليه السلام و أول ما يشغل باله ويهز مشاعره هو إمكانية أن يصل بمشاعره الى واقع جديد يرفض صور الغبن الاجتماعي والأخلاقي التي وجدها أمامه عائقا يحول دون أن يتيسر للفرد " الإنسان " أن يحيا الحياة .
فثار إبراهيم عليه السلام في ارض " اورا " الكلدانية ، يحمل على عاتقه مهمة التبشير والدعوة إلى قضية العادل
الاجتماعي وما أن تنفعل أعماقه ويصلب عوده بقيم ومبادئ النضال الاجتماعي التي آمن بها حتى يكون قد هيأ لحمل رسالة دينية اعم واعمق وجهودا اكثر مسؤولية واعظم تضحية.
ولما أحس الكلدانيون أن إبراهيم النبي الرسول ابتدأ بهذا الرصيد الذي أضيف إلى نفسه يشكل خطرا عليهم وعلى أسلوب حياتهم خاصة بعد أن ابتدأت جموع كبيرة من جمهور تسمعه وتتحمس لدعوته بعد أن استشرفت آمالها على يديه ، دخل الكهنة والسادة معه في معركة تحديات سافرة أوشكت في بعض مراحلها أن تقضي على حياته لولا انه معد من قبل ربه لكي يواصل الطريق.
المصدر: التاريخ اليهودي العام."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق